فصل فى بناء المسجد
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فصل فى بناء المسجد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ص -62- فصل: فى بناء المسجد
قال الزهرى: "بَرَكَتْ ناقةُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم مَوْضِع مسجده وهو يومئذ يُصلِّى فيه رجالٌ من المسلمين، وكان مِرْبَداً لِسَهْلٍ وَسُهَيْل غلامين يتيمين من الأنصار، كانا فى حَجْرِ أسعد بنِ زُرارة، فساوم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغلامَيْنِ بالمِرْبَدِ، لِيتخذَهُ مسجداً، فقالا: بل نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ الله، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَاعَهُ مِنْهُمَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ، وكانَ جِدَارَاً لَيْسَ لَهُ سَقْفٌ، وقِبلتهُ إِلى بَيْتِ المقدِسِ، وكانَ يُصلِّى فِيهِ ويُجَمِّعُ أسعدُ بن زرارة قبل مَقْدَمِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيهِ شَجَرَةُ غَرْقَدٍ وخِرَبٌ ونَخْلٌ وَقُبورٌ لِلمُشْرِكِينَ، فَأَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنُبِشَتْ، وبالخرب فَسُوِّيت وبالنَّخلِ والشَّجَرِ فقطعت وصُفَّت فى قِبلة المسجد، وجعلَ طولَه مما يلى القِبْلةَ إلى مؤخره مائةَ ذراع، والجانبين مثلَ ذلك أو دونَهُ، وجعلَ أساسه قريباً من ثلاثة أذرع، ثم بنوه باللَّبنِ، وجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبنى معهم، وَيَنْقُلُ اللَّبِنَ والحِجَارَةَ بنفسه ويقول:
اللَّهم لا عَيْشَ إلاَّ عَيْشُ الآخِرةْ فَاغْفِرْ للأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَةْ
وكان يقول:
هَذَا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَر هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرُ
وجعلوا يرتَجِزُونَ، وهم ينقلُونَ اللَّبِنَ، ويقول بعضهم فى رجزه:
ص -63- لَئِنْ قَعَدْنَا وَالرَّسُولُ يَعْمل لَذَاكَ مِنَّا العَمَلُ المُضَلَّلُُ
وجعل قِبلته إلى بيتِ المقدس، وجعل له ثلاثةَ أبواب: باباً فى مؤخره، وباباً يقال له: باب الرحمة، والباب الذى يدخل منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عمده الجذوع، وسَقَفَه بالجريد، وقيل له: ألا تُسَقِّفه، فقال: "لا، عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى" وبنى إلى جنبه بيوت أزواجه باللَّبِن، وسقَّفها بالجريدِ والجذوع، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة فى البيت الذى بناهُ لها شرقى المسجد قبليه، وهو مكان حُجرته اليوم، وجعل لسَوَدة بنتِ زمعة بيتاً آخر.
فصل
ثمَّ آخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجِرينَ والأنصار فى دار أنسِ بن مالك، وكانُوا تسعين رجلاً، نِصفهم مِن المهاجرينَ، ونِصفُهم مِن الأنصارِ، آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعدَ الموتِ دون ذوى الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَأُوْلُوْا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: 75] رد التوارث إلى الرَّحِم دون عقد الأُخوة.
ص -64- وقد قيل: إنه آخى بين المهاجرين بعضِهم مع بعض مؤاخاة ثانية، واتخذ فيها علياً أخاً لنفسه والثابت الأول، والمهاجِرون كانوا مستغنين بأخوة الإسلام، وأخوة الدار، وقرابةِ النسب عن عقد مؤاخاة بخلاف المهاجرين مع الأنصار، ولو آخى بَيْنَ المهاجرينَ، كان أحقَّ الناسِ بأُخوته أحبُّ الخلق إليه ورفيقُه فى الهِجرةِ، وأنيسُه فِى الغارِ، وأفضلُ الصحابة وأكرمُهم عليهِ أبو بكر الصِّدِّيق، وقد قال: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاتخَّذْتُ أَبَا بَكْر خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخْوَّةُ الإسْلاَمِ أَفْضَلُ" وفى لفظ: "وَلَكِنْ أَخِى وَصَاحِبِى" وهذه الأُخوة فى الإسلام وإن كانت عامة، كما قال: "وَدِدْتُ أن قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا" قَالُوا: أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ: "أَنْتُمْ أَصْحَابى، وإِخْوَانِى قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِى يُؤْمِنونَ بى وَلَمْ يَرَوْنِى" فَلِلصِّدِّيق من هذه الأُخوة أعلى مراتبها، كما له من الصُّحبة أعلى مراتبها، فالصحابة لهم الأُخوة، ومزيةُ الصحبة، ولأتباعه بعدهم الأخوة دون الصحبة.
ص -65- فصل
ووادع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَن بالمدينة مِن اليهود، وكتب بينه وبينهم كتاباً، وبادر حَبْرُهم وعالمُهم عبدُ اللهِ بنُ سلام، فدخل فى الإسلام، وأبى عامَّتُهم إلا الكفرَ.
وكانوا ثلاثَ قبائل: بنو قَيْنُقَاع، وبنو النَّضير، وبنو قُرَيْظَة، وحاربه الثلاثة، فمنَّ على بنى قَيْنُقَاع، وأجلى بنى النَّضِير، وقتل بنى فُريظة، وسبى ذُرِّيَّتهم، ونزلت "سورة الحشر" فى بَنى النَّضيرِ، و "سورة الأحزاب" فى بنى قُريظة.
زاد المعاد للإمام إبن القيم
منقول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ص -62- فصل: فى بناء المسجد
قال الزهرى: "بَرَكَتْ ناقةُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم مَوْضِع مسجده وهو يومئذ يُصلِّى فيه رجالٌ من المسلمين، وكان مِرْبَداً لِسَهْلٍ وَسُهَيْل غلامين يتيمين من الأنصار، كانا فى حَجْرِ أسعد بنِ زُرارة، فساوم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغلامَيْنِ بالمِرْبَدِ، لِيتخذَهُ مسجداً، فقالا: بل نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ الله، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَاعَهُ مِنْهُمَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ، وكانَ جِدَارَاً لَيْسَ لَهُ سَقْفٌ، وقِبلتهُ إِلى بَيْتِ المقدِسِ، وكانَ يُصلِّى فِيهِ ويُجَمِّعُ أسعدُ بن زرارة قبل مَقْدَمِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان فيهِ شَجَرَةُ غَرْقَدٍ وخِرَبٌ ونَخْلٌ وَقُبورٌ لِلمُشْرِكِينَ، فَأَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنُبِشَتْ، وبالخرب فَسُوِّيت وبالنَّخلِ والشَّجَرِ فقطعت وصُفَّت فى قِبلة المسجد، وجعلَ طولَه مما يلى القِبْلةَ إلى مؤخره مائةَ ذراع، والجانبين مثلَ ذلك أو دونَهُ، وجعلَ أساسه قريباً من ثلاثة أذرع، ثم بنوه باللَّبنِ، وجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبنى معهم، وَيَنْقُلُ اللَّبِنَ والحِجَارَةَ بنفسه ويقول:
اللَّهم لا عَيْشَ إلاَّ عَيْشُ الآخِرةْ فَاغْفِرْ للأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَةْ
وكان يقول:
هَذَا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَر هَذَا أَبَرُّ رَبَّنَا وَأَطْهَرُ
وجعلوا يرتَجِزُونَ، وهم ينقلُونَ اللَّبِنَ، ويقول بعضهم فى رجزه:
ص -63- لَئِنْ قَعَدْنَا وَالرَّسُولُ يَعْمل لَذَاكَ مِنَّا العَمَلُ المُضَلَّلُُ
وجعل قِبلته إلى بيتِ المقدس، وجعل له ثلاثةَ أبواب: باباً فى مؤخره، وباباً يقال له: باب الرحمة، والباب الذى يدخل منه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عمده الجذوع، وسَقَفَه بالجريد، وقيل له: ألا تُسَقِّفه، فقال: "لا، عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى" وبنى إلى جنبه بيوت أزواجه باللَّبِن، وسقَّفها بالجريدِ والجذوع، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة فى البيت الذى بناهُ لها شرقى المسجد قبليه، وهو مكان حُجرته اليوم، وجعل لسَوَدة بنتِ زمعة بيتاً آخر.
فصل
ثمَّ آخى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجِرينَ والأنصار فى دار أنسِ بن مالك، وكانُوا تسعين رجلاً، نِصفهم مِن المهاجرينَ، ونِصفُهم مِن الأنصارِ، آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعدَ الموتِ دون ذوى الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَأُوْلُوْا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: 75] رد التوارث إلى الرَّحِم دون عقد الأُخوة.
ص -64- وقد قيل: إنه آخى بين المهاجرين بعضِهم مع بعض مؤاخاة ثانية، واتخذ فيها علياً أخاً لنفسه والثابت الأول، والمهاجِرون كانوا مستغنين بأخوة الإسلام، وأخوة الدار، وقرابةِ النسب عن عقد مؤاخاة بخلاف المهاجرين مع الأنصار، ولو آخى بَيْنَ المهاجرينَ، كان أحقَّ الناسِ بأُخوته أحبُّ الخلق إليه ورفيقُه فى الهِجرةِ، وأنيسُه فِى الغارِ، وأفضلُ الصحابة وأكرمُهم عليهِ أبو بكر الصِّدِّيق، وقد قال: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاتخَّذْتُ أَبَا بَكْر خَلِيلاً، وَلَكِنْ أُخْوَّةُ الإسْلاَمِ أَفْضَلُ" وفى لفظ: "وَلَكِنْ أَخِى وَصَاحِبِى" وهذه الأُخوة فى الإسلام وإن كانت عامة، كما قال: "وَدِدْتُ أن قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا" قَالُوا: أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ: "أَنْتُمْ أَصْحَابى، وإِخْوَانِى قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِى يُؤْمِنونَ بى وَلَمْ يَرَوْنِى" فَلِلصِّدِّيق من هذه الأُخوة أعلى مراتبها، كما له من الصُّحبة أعلى مراتبها، فالصحابة لهم الأُخوة، ومزيةُ الصحبة، ولأتباعه بعدهم الأخوة دون الصحبة.
ص -65- فصل
ووادع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَن بالمدينة مِن اليهود، وكتب بينه وبينهم كتاباً، وبادر حَبْرُهم وعالمُهم عبدُ اللهِ بنُ سلام، فدخل فى الإسلام، وأبى عامَّتُهم إلا الكفرَ.
وكانوا ثلاثَ قبائل: بنو قَيْنُقَاع، وبنو النَّضير، وبنو قُرَيْظَة، وحاربه الثلاثة، فمنَّ على بنى قَيْنُقَاع، وأجلى بنى النَّضِير، وقتل بنى فُريظة، وسبى ذُرِّيَّتهم، ونزلت "سورة الحشر" فى بَنى النَّضيرِ، و "سورة الأحزاب" فى بنى قُريظة.
زاد المعاد للإمام إبن القيم
منقول
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
saydhgzy2007- عضو ذهبى
- عدد المساهمات : 1468
نقاط : 31698
تاريخ التسجيل : 22/12/2009
بطاقة الشخصية
كود الفيس بوك: مشاركة
كود ادعم صفحتنا علي الفيس بوك :
رد: فصل فى بناء المسجد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ashrafsata- عضو ذهبى
- عدد المساهمات : 474
نقاط : 27843
تاريخ التسجيل : 01/02/2010
مواضيع مماثلة
» لماذا سمي المسجد بالانجليزية Mosque
» المسجد الاقصى فى خطر
» قبر رسول الله ليس في المسجد
» برنامج المسجد الصغير
» المسجد الأقصى من الداخل
» المسجد الاقصى فى خطر
» قبر رسول الله ليس في المسجد
» برنامج المسجد الصغير
» المسجد الأقصى من الداخل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى